إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
119979 مشاهدة print word pdf
line-top
مصر

...............................................................................


ذكر لنا بعض المشائخ: أن البدوي الذي يعبد في مصر ما عرف عنه عمل صالح؛ إلا أنه دخل مرة والناس في المسجد الجامع يصلون فبال في المسجد، ثم خرج ولم يصل، هذه من الحكايات عنه، وتبعوه وقالوا: هذا مجذوب، هذا قلبه عند ربه، هذا قد وصل، الشأن في وفيك. لما سئل بعضهم: هذا المجنون لماذا لا يصلي؟! فقالوا: هذا قد وصل، الشأن فينا، نحن الذين ما وصلنا، هذا قد قطع المراحل ووصل إلى ربه، قلبه عند ربه، سقطت عنه التكاليف، فأبيح له أن يفعل ما يشاء، وأن يعمل الذي يريده، ويأخذ الذي يشتهيه. فينقلون عنه أفعالا شنيعة. ويذكرون -أيضا- عن أولئك الذين يسمونهم مجاذيب -يعني- مجذوبين، أنهم يفعلون ما يشاءون؛ لو دخل أحدهم بيت إنسان وأخذ من ماله أو من متاعه ما رده، هذه حالتهم، ثم بعد موتهم يتخذونهم معبودين، وأنهم -أيضا- في حياتهم يرون أنهم من المقربين. في قصيدة الصنعاني البائية يقول فيها:
كقوم عراة في ذرا مصر ما تُرَى
على عورة منهم هناك ثيــاب
يعدونهم في مصرهم من خيارهم
دعاؤهمُ فيما يـرون مجــاب
هذه حالتهم في زمان الصنعاني من قبل نحو ثلاثمائة سنة -يعني- في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفي عهد الصنعاني صاحب سبل السلام، كقوم عراة في ذرا مصر في أطراف مصر ما ترى على عورة منهم هناك ثياب يمشون عراة، والناس يتمسحون بهم، ما ترى على عورة منهم هناك ثياب، يعدونهم في مصرهم من خيارهم، دعاؤهمُ فيما يرون مجاب بعد موتهم-بلا شك- أنهم سيغلون فيهم، وأنهم سيتبركون بهم ويعبدونهم. وهكذا أيضا يفعل كل طائفة مع من يعتقدون فيه.

line-bottom